هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل
بسم الله الرحمن الرحيم " قل هذه سبيــلى أدعــو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين " صدق الله العظيم

 

 دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير الموقع
مدير الموقع
مدير الموقع
مدير الموقع


عدد المساهمات : 110
تاريخ التسجيل : 16/07/2009
العمر : 34
الموقع : مدير الموقع

دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع Empty
مُساهمةموضوع: دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع   دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع Emptyالأربعاء 07 أبريل 2010, 2:55 pm

دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع
و تعزيز روح التعاون و التكافل و رص الصفوف

------------------------
بقلم
د. رياض الأسطل
رئيس قسم التاريخ بجامعة الأزهر

------------------------
مقدمة:
وحدة المجتمع و الأمة فريضة إسلامية ، و حاجة نضالية ، و مدخل من مداخل السلم الاجتماعي ، و من ثم ، فهي قيمة و فريضة إسلامية ، و هي ضرورة حتمية ، تفرضها الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية . و قد تجلت هذه القيمة و تلك الفريضة و الضرورة في قوله تعالى : ﴿ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾ ( ' [1] ) . ، و في قوله سبحانه : ﴿ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ﴾ ( ' [2] ) . و قد حث جل و علا عباده ، على التمسك بهذه الوحدة و الاعتصام بها في مواجهة كل الأخطار و العواصف العاتية ، في قوله تعالى : ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ﴾ ( ' [3] ) .
و لكي تتحقق وحدة المجتمع الفلسطيني ، و يسده الأمن و السلم الاجتماعي ، لا بد له من الحرص على التعاون و التكافل ، في شتى مناحي الحياة ، تطبيقاً لأمره تعالى : ﴿ و تعاونوا على البر و التقوى ﴾ ( ' [4] ) ، و للتوجيه النبوي الكريم ، في مثل هذه الأحاديث : { ما آمن بي من بات شبعاناً و جاره إلى جانبه جائع ، و هو يعلم } ، و { من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ، و من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له } .
و لكي يؤدي الوعظ و الإرشاد و التوجيه الدعوي الإسلامي دوره ، في هذا الباب ، ينبغي على علماء الأمة أن يتعاملوا مع هذا الملف الحيوي لمصلحة الأمة في وقتها الراهن ، و في كل وقت ، بوعي متميز ، و بآليات دعوية فريدة ، و بعمل دؤوب يتناسب مع الرد المطلوب على التحديات الكبرى التي تفرضها ظروف الاحتلال ، و سبل المواجهة ، و الرغبة الصادقة في تحقيق السلام القائم على العدل ، دون التخلي عن عزة المسلم ، و دون المساس بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، و دون الاستسلام للإحباط الذي يطل برأسه كلما بالغ الجانب الإسرائيلي في تعنته ، و تحديه لإرادة المجتمع الدولي ، و للدعوات الصادقة للسلام ، تحقيقاً لقوله تعالى : ﴿ و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾ ( ' [5] ) . ومن هنا وجبَ علينا أن نقف على الظروف و العوامل ، التي تعزز الحاجة للتكاتف و التعاون و الوحدة ، و رص الصفوف .
العوامل التي تعزز الحاجة إلى التكاتف و التكافل و الوحدة و رص الصفوف .


يمر المجتمع الفلسطيني بظروفٍ و تحديات خاصة ، بالغة التهديد و الخطورة ، تفرض على الخطباء و الوعاظ أن يلبوا هذه الخصوصية ، و أن ينهضوا بالمسؤوليات الدينية و الوطنية الملقاة على عواتقهم تجاهها . و لكي يتحقق ذلك لا بد من تشخيص هذه التحديات ، و الوقوف على تلك الظروف ، و التي يمكن أن نجملها على النحو التالي :

• أننا نعاني من التعنت الإسرائيلي ، و ما يصاحبه من ممارسات عدوانية على الأراضي الفلسطينية ، و منها ملاحقات و اجتياحات ، و إغلاقات المتكررة ، ناهيك عن رفض الجانب الإسرائيلي للإفراج عن الأسرى و المعتقلين ، و اتباعه سياسة الأرض المحروقة التي تقتل البشر ، و تقتلع الشجر و تهدم الحجر ، فتدمر المصانع ، و المدارس و البيوت ، و تخرب المزارع والمتاجر و سائر مؤسسات المجتمع المدني ،و تسد على الشعب الفلسطيني منافذ النور و الحرية ، و تغلق في وجهه كل آفاق و احتمالات السلام القائم على العدل ، و كل ذلك يفرض علينا أن نعمل على رص الصفوف ، و توحيد الجبهة الداخلية ، و رفع الروح النضالية ، القائمة على الوعي السياسي بطبيعة المرحلة ، و بمعطيات المناخ الإقليمي و الدولي ، و بحاجات النضال الفلسطيني ، التي تتعامل مع ظاهرة المقاومة باعتبارها دواء لشر الأدواء ، و ينبغي أن تكون جرعاتها بقدر الحاجة إلى درئه و إفشال مخططاته ، على أن ترتبط بآليات التنفيذ ، و بالرؤية السياسية المصاحبة ، و المتسقة مع المشوار و المشروع النضالي الوطني الفلسطيني ، القائم على التكاتف و التعاون و الوحدة .

• أن السياسات الإسرائيلية ، و على رأسها سياسة الوقيعة و الدس و اتباع حرب الشائعات ، تهدف إلى الوقيعة بين أبناء الشعب الفلسطيني ، و زجهم في صراعات جانبية و هامشية ، و محاولة دفعهم إلى المواجهة الداخلية و الصراعات البينيَّة ، في ظل مخاطر الحرب الأهلية ، و ذلك حين تصر على تصفية بعض تنظيمات المقاومة الفلسطينية ، و على وصمها بسمة الإرهاب ، و حين تصر على ضرورة القبض على بعض ناشطيها ، و على جمع سلاحهم المقاوم ، دون أن تقدم أو تفي بأي من الاستحقاقات المترتبة عليها . و من الجدير بالذكر أن الجانب الإسرائيلي يلجأ إلى إثارة البلبلة و الإشاعات الكاذبة و المغرضة ، حول كثير من الأمور التي تتعلق بالأداء الفلسطيني عامة ، و بأداء بعض العناصر القيادية ، على وجه الخصوص ؛ لأهداف لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ، و لا علاقة لها لا بالديمقراطية المزعومة ، و لا بالشفافية السياسية ، و لا بالحرص على مصالح الشعب الفلسطيني ، لأنها سلوك سياسي مرتبط بسعي إسرائيل الدائب لتحقيق أهدافها الاحتلالية ، و على رأسها زعزعة المجتمع الفلسطيني ، و القضاء على أية محاولة لتطوير نضاله و تقريبه من أهدافه و استحقاقاته و ثوابته الوطنية المشروعة . و مثل إسرائيل في مثل هذه المواقف ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ، فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ﴾ ( ' [6] ) .

• أن مسيرتنا النضالية تعتمد مبدأ التعدد التنظيمي ، في الوقت الذي تميل فيه بعض التنظيمات إلى طرح نفسها ، باعتبارها بديلاً وطنياً على نحو يقيني ، يقصي الآخر الفلسطيني ، و يتحدى وجوده التنظيمي ، في الوقت الذي يفترض فيه أن تكمل التنظيمات الفلسطينية بعضها ، و أن تتنافس في العطاء الوطني و النضالي و الديني ، لا أن تجعل الأولويات الحزبية مقدمة على الأولويات الوطنية . فالشعب الفلسطيني أكثر ما يكون حاجة إلى رص الصفوف ، و جمع الكلمة ، و إلى التخندق في خندق واحد ، في مواجهة هجمة عدوانية إسرائيلية شرسة لا تميز بين فلسطيني و آخر ، و لا بين مناضل و آخر ، و لا حتى بين سياسي و آخر !.

• أننا نعيش مناخ الانفتاح القسري ، على الثقافات و القيم الأجنبية التي تغاير القيم الحضارية الإسلامية ، و تتحدى كل قيم و ثقافات المجتمع الفلسطيني ، فالفضائيات الدولية ، و عوالم المرئيات الرقمية ، و عوالم شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) ، و ما تفرضه من حريات ثقافية و معلوماتية و قيمية غير خاضعة لأية رقابة ، و غير محكومة بأي قانون تقدم كمّاً هائلاً من القيم و المفاهيم و التصورات و الممارسات التي تخلط الحابل بالنابل و الغث بالسمين ، و تعمل على تذويب الخصوصيات الثقافية و الحضارية و الدينية ، على نحو لم يكن متوقعاً من قبل ، و بطريقة تحقق أهداف دعاة العولمة ، و قادة النظام العالمي الجديد ، على نحو غير مسبوق !. و أخطر ما في هذا الفضاء الإعلامي أنه وضع أبناء المجتمع الفلسطيني أمام تحديات اختلاط القيم و المفاهيم ، و أمام الإباحية الجنسية ، على المستوى الإعلامي ، على أقل تقدير ، كما قدم أمام أبناء الشعب الفلسطيني عشرات النماذج السيئة و المسيئة للإسلام و المسلمين ، و على مختلف الصعد السياسية و الاجتماعية و الأخلاقية ، و جمل في عيونهم الركون إلى معطيات الحضارة الوافدة بعجرها و بجرها و خيرها و شرها ، و عليلها و سقيمها و فاسدها و طالحها ! . و قد أدى كل ذلك إلى تصادم ثقافي و قيمي بين الموروث الديني و الحضاري و الأخلاقي ، و بين القيم المستوردة التي دفعت كثيراً من شبابنا ، إلى التمزق بين تجاذبات الأصالة ، و مغريات القيم المستوردة ، الرخيصة ، و التي تفتح أمامهم آفاق المتع الزائلة ، و الشهوات المحرمة . و في كل هذا خسارة و تدمير للبنية التحتية للقيم الاجتماعية و الأخلاقية و النضالية ، التي ينبغي أن يتخلى بها أبناء هذا الشعب ، الذي لا زال بحاجة ماسة إلى مواصلة مشواره التحرري و الصراعي الطويل ، و متعدد الجوانب السياسية و الاقتصادية و القيمية و الثقافية ، بل الحضارية على وجه العموم .

• أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي البطالة ، و تعطل أو تراجع قطاعات اقتصادية مهمة ، كالقطاع الصناعي ، و قطاع التجارة الدولية ، و القطاع الزراعي . . .إلخ ـ قد أدت إلى انتشار عدد من الحالات الاجتماعية الاستثنائية التي تفتت وحدة المجتمع الفلسطيني ، و تحد من قدرته على الصمود . فقد كثرت حالات الطلاق ، و ما يصاحبها من تنازع و تباغض أسري ، و ظهرت ـ لأول مرة ـ حالات الزواج العرفي ، و العلاقات المحرمة ، وكثرت حالات التعدي و الفوضى ، على نحو فاجع ، كما كثرت حالات الإفلاس المؤسساتي ، و ما صاحبها من المنازعات الاقتصادية ، و تراكم المديونية ، و تفشي ظاهرة الشيكات التي لا تملك رصيداً . . إلخ . و قد أدى كل ذلك إلى تفكك المجتمع الفلسطيني ، و عزز الحاجة إلى تحصينه ضد الحاجة و الفقر و تدني مستوى الدخل . و مهما يكن من أمر ، فإن هذه الإشكالية ، تفرض علينا ـ معاشر الخطباء و الوعاظ ـ أن نولي قيم التعاون و التكافل الاجتماعي و الوحدة أهمية خاصة ، و مكانة متميزة ، في أنشطتنا الدعوية .

• أن لدينا بعض الممارسات القائمة على المحسوبية ، و ما أدت إليه من اهتزاز العلاقة بين الحاكم و المحكوم ، و إلى نفور بعض العامة من مؤسستهم الوطنية الحاكمة ، مع أنها مؤسسة نضالية ـ ابتداء ـ و لا ينبغي لها أن تخسر قاعدتها الجماهيرية ، و لا شفافيتها السياسية و النضالية . و مهما يكن من أمر ، فإن وجود مثل هذه الحالة يعزز دور الوعظ و الإرشاد ، في إطار تحصين المجتمع في مواجهة تهديدات الفرقة و الاختلاف المفضي إلى الخلاف و التنافر .
أن ظاهرة العنف الأسري ، و المجتمعي ، و كثرة الصراعات العائلية ، و التعديات الشخصية قد شرعت في إعادة الانتشار . و قد صاحب هذه المظاهر نزوع و تعصب قبلي واضح ، رد بعض فئات المجتمع الفلسطيني إلى بعض وهاد الجاهلية ، التي تنتصر للقبيلة ، حتى لو كان ذلك في مواجهة الدين و العقيدة . و قد تعددت أبعاد هذه الظاهرة ، بالعودة للعرف القبلي ، و الارتكاس في عادات الثأر الجاهلي ، و رفض الاحتكام إلى قيم الإسلام ، بدعوى أنها لا تلبي مطالب المصالحة الكريمة ! . و مما يضاعف من خطورة هذه الظاهرة أنها تستخدم وسائل و معدات قتالية ، متطورة أو خطرة ، لم تكن موفرة ، و منتشرة من قبل ! . و من الجدير بالذكر أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد حذر أمته من هذا الداء ، فقد روى الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء، هي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم } ( ' [7] ) .

• و لعل الوقوف على هذه الظاهرة ( السابقة ) يدفعنا للوقوف على ظاهرة أخرى مصاحبة هي ظاهرة الفلتان الأمني ، و انتشار السلاح غير المرخص ، و الذي تتهاون بعض التنظيمات و القوى السياسية ، في نشره بين الشباب ، بحجة التحفيز على المقاومة . و مهما يكن من أمر ، فإن انتشار ظاهرة فوضى السلاح ، و قدرة بعض المسلحين على التهرب من المسؤولية القانونية أو الاجتماعية و الأخلاقية ، تفرض على الوعاظ أن يتصدوا لهذه الظاهرة ، و أن يحذروا من مخاطرها الدينية و المجتمعية ، و من تهديدها لحياة الناس و مستقبلهم الدنيوي والديني ( الأخروي ) ! . و من الجدير بالذكر أن النصوص الدينية تحارب هذه الظاهرة حرباً لا هوادة فيها ، فقد روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ، فقال: { من أشار على أخيه بحديدة لعنته الملائكة} ( ' [8] ) .وعن أبي موسى ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: { إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق ، وبيده نبل ، فليأخذ بنصالها ، ثم ليأخذ بنصالها ، ثم ليأخذ بنصالها) وفي رواية: (فليمسك على نصالها بكفه ، أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء } ( ' [9] ) .
أن الشعور العام بالإحباط و خيبة الأمل ، بسبب تراجع دور المؤسسات الإقليمية و الدولية ، و تخليها الجزئي عن دعم الحق الفلسطيني ، و بسبب زيادة الإرهاب الذي تمارسه المؤسسات العسكرية الإسرائيلية ، قد نال بعض أبناء الشعب الفلسطيني بشيء من التعب و الإرهاق ، و اللامبالاة ، و دفعهم إلى التهاون في مسؤولياتهم الوطنية و الدينية ، بدعوى أنه لا جدوى من مواصلة الحالة النضالية ، في ظل التفوق الإسرائيلي و الدعم الأمريكي للجانب المعتدي ، و تخاذل بعض الأشقاء عن الوفاء بالتزاماتهم ، و النهوض بالواجبات الملقاة على عواتقهم . و كل ذلك يقتضي منا أن نقف عند مسؤولياتنا ، و أن نعزز مظاهر التكاتف و الوحدة و رص الصفوف انطلاقاً من قوله تعالى : ﴿ كل يوم هو في شأن ﴾ ( ' [10] ) ، و قوله تعالى : ﴿ إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ﴾ ( ' [11] ) ، و قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقنطوا من رحمة الله ﴾ ( ' [12] ) ، و قوله تعالى : ﴿ و من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ﴾ ( ' [13] ) .. إلخ.

• أننا نتعرض لتشويه متعمد لسيرتنا النضالية ، و لأدائنا السياسي ، بحق و بغير وجه حق ، فمن تهم الفساد الإداري و المالي ـ على سبيل التعميم ، إلى تهم ممارسة الإرهاب ، إلى تهم عدم التحلي بالمسؤولية ، إلى تهم غياب الرغبة في السلام . . إلخ . و كل ذلك مما يقتضي منا وقفة جادة لمواجهة هذه التهم برص الصفوف ، و تصحيح المسارات ، و التحذير من مخاطر بعض الممارسات التي تعطي الأغيار فرصة وصم نضالنا بالفساد ، و قضيتنا بعدم الجدية ، و بالسقوط في حجر بعض المنتفعين ! . و من الأمور التي لا ينبغي إغفالها ما برز على السطح مؤخراً من حركات مقاومة تتشح بوشاح الإسلام ، و تمارس عدداً من القيم التي لا تتفق مع روحه العامة و جوهره العظيم ، فيما يتعلق بالتعامل مع الأسرى ، و مع المدنيين ، حيث أعطت هذه الممارسات الفرصة لأعدائنا لكي يربطوا بين ممارساتنا النضالية و بين ممارسة هؤلاء و أولئك ، و لأن يضعونا معهم في سلة واحدة ، و أمام الآلة الدولية الساعية لمكافحة الإرهاب المزعوم ، و لو عن طريق ممارسة دفع الإرهاب بمضاعفة جرعات الإرهاب ، و على يد الدول الكبرى ، في مواجهة بعض الجماعات المنتشرة هنا أو هناك ! .

• أن وجود بعض حالات العمالة ، و تعدد مناهج و أساليب التعامل مع العملاء و مع أسرهم ، قد أثر على وحدة الصف الفلسطيني سلباً ، و أدى إلى شعور بعض الأسر ـ القليلة ـ بتنكر المجتمع لها ، و أخذه لها بجريرة غيرها ، و على نحو مخالف للحق و العدل و الدين ، و الذي يحدد المسؤوليات بحدود أصحابها ، فلا ينقل الخطيئة و لا يورثها ، و لا يأخذ بها غير أصحابها ، فلا يحاسب الابن بجريرة أبيه ، و لا الأب أو الأخ بسلوك ابنه أو أخيه . فقد قال تعالى : ﴿ كل نفس بما كسبت رهينة ﴾ ( ' [14] ) ، و قال سبحانه : ﴿ لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت ﴾ ( ' [15] ) ، و قوله تعالى : ﴿ و لا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ ( ' [16] ) .

القيم التي ينبغي التركيز عليها لتحقيق هذا الهدف :

و يجب علينا ـ لكي نتصدى للمظاهر و الظروف السابقة ـ أن نسلك عدداً من المسالك الدعوية التي تحارب تلك الظواهر و تحد من تأثيرها ، و تعزز من وحدة المجتمع الفلسطيني ، و ترفع من روح التعاون النضالي بين أبنائه . و يمكن للخطباء و الوعاظ و الدعاة أن يحققوا ذلك بالتركيز على عدد من القيم و المبادئ و المثل العليا ، و منها :
الحث على المودة والرحمة ؛ تحقيقاً ، لقول المصطفى ـ صلى الله عليه و سلم : { مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد . إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى } . ، و تحقيقاً للتوصيف الرباني للمجتمع المسلم : ﴿ محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ﴾ ( ' [17] ) ، و لقوله تعالى ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ، و لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ ( ' [18] ) .
تنمية روح التعاون بين أبناء المجتمع الفلسطيني تحقيقاً لأمره سبحانه : ﴿ و تعاونوا على البر و التقوى ، و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ﴾ ( ' [19] ) .
تعزيز قيم الصفح و التسامح ؛ تحقيقاً لقوله تعالى : ﴿ و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ﴾ ( ' [20] ) ، و لحديث المصطفى ، صلى الله عليه و سلم : { إن الله يحب أحدكم أن يكون سمحاً إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى } .
غرس روح الأمل و بيان إنه يكون للعسر ـ بكرم الله و رحمته ـ ما يناسبه و يخففه من اليسر ، فـ ﴿ إن مع العسر يسرا . إن مع العسر يسرا ﴾ .
بيان موقف الإسلام من قيم أساسية كالمقاومة و الجهاد و حقوق الإنسان و احترام الإسلام لكرامته ، حتى في أحلك الحالات عسرة و تعقيداً . و نفي تهمة الإرهاب عن الإسلام و المسلمين ، من خلال الدلالات الإنسانية الواضحة لمفهوم الإرهاب في الإسلام ، باعتباره من أسلحة الردع ، و الانتصار على الأعداء بالرعب ، و توازن القوى ، و ليس من أسلحة الفتك و الدمار الشامل و المساس بالمدنيين ، تطبيقاً لقوله تعالى : ﴿ و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ، ترهبون به عدو الله و عدوكم ﴾ ( ' [21] ) ، حيث إن الأمر لا يعدو كونه سلاح ردع و قوة للتوازن السياسي و العسكري ، و ليس شيئاً غير ذلك أو فوقه أو دونه ! ..
تنمية روح البذل و الانفاق ، سواء كان ذلك عبر الوفاء بالزكوات المفروضة ، أم عن طريق الصدقة ، و تقديم الحقوق المالية الأخرى ، التي تفرضها الحاجات المادية لمجتمع تتفشى فيه ظاهرة البطالة ، و تتضاعف فيه تبعات الأزمات الاقتصادية الخانقة .
تقديم النصح القيمي و الديني للمسؤولين و صناع القرار ، كل حسب موقعه ، وفقاً لروح الإسلام ، التي تقدم الحكمة و الموعظة الحسنة على ما سواها . و للوعاظ في دعوة موسى و هارون ، عليهما السلام ، لفرعون خير شاهد ، و خير معلم . و في ظل هذه الرؤية الإسلامية لم يعد مقبولاً الركون إلى ذلك الأسلوب الذي يمارسه بعض الدعاة الفصائليين ، الذين أكل انتماؤهم الحزبي التعصبي ، ما ينبغي أن يتحلوا به من الدعوة بروح الرحمة و الشفقة ، التي كان يمارسها الحبيب المصطفى ، و التي تجلت في قوله تعالى : ﴿ فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ﴾ ( ' [22] ) . و قد آن الأوان الذي ينبغي أن يعلم فيه جميع الوعاظ و الخطباء أن اللجوء إلى النقد بطرق السب و الشتيمة و النقد الشخصي ، ليس من الإسلام في شيء ، فليس المؤمن ـ كما قال رسول الله ، عليه السلام ـ بطعان و لا لعان و لا فاحش و لا بذيء . إننا نعلم جميعاً هذه الحقائق الإيمانية ، و مع ذلك يضل بعض الدعاة الفصائليين طريق الدعوة الحق ، فيفوت فرصة الانتفاع بقوله تعالى : ﴿ فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم ﴾ ( ' [23] ) .
تحديد موقف الإسلام من المسؤوليات المدنية و الحقوقية و السياسية ، باعتبارها مسؤوليات شخصية ، فردية أو اعتبارية ، لا يؤخذ فيها أحد بجريرة غيره ، و لا يحاسب فيها أحد بخطيئة غيره ، فكل نفس بما كسبت رهينة ، ﴿ و لا تزر وازرة وزر أخرى ﴾ . فكم من صالحة كانت تحت أكثر الناس فسقاً و طغياناً ، و كم من فاجر أنجب عظيماً ، و كم من عظيم أنجب فاسقاً فجارا ، و هذه قصة الغلام الذي خشي أحد الصالحين أن يرهق والديه طغياناً و كفرا . و هذه قصة نوح و ولده حين كابر و استكبر ، و تلك قصة لوط و زوجته . . . إلخ . و مما يؤكد ذلك أن أسر بعض المتهمين تحتاج منا كل رعاية ، كما تحتاج منا إلى رد اعتبار ، على اعتبار أنها جزء من المجتمع الفلسطيني ، الذي هو في أمس الحاجة إلى جهود كل أبنائه ، كما هو في أشد الحاجة إلى رص الصفوف و تهدئة الخواطر ، و القضاء على الأزمات و المشاحنات النفسية و الاجتماعية و الأخلاقية .
فضح قيم المجتمع الجاهلي ، و على رأسها عادة الأخذ بالثأر ، و ظاهرة التعصب القبلي أو الحزبي أو الفصائلي الأعمى ؛ تحقيقاً لقوله تعالى : ﴿ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله ، لعلكم ترحمون ﴾ ( ' [24] ) ، و استجابة لتوجيه المصطفي ـ عليه السلام في حجة الوداع ، حين قال : { فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ قد حرَّم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. ألا هل بلغت «ثلاثاً»؟ كل ذلك يجيبونه: ألا نعم. قال: ويحكم أو ـ ويلكم ـ لا ترجعُنَّ بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»}.
الحث على التمسك بالأخوة الإسلامية ، و التحذير من التنازع باعتباره باباً من أبواب الفشل و الخسران ، و البعد عن الدين الحق ، حيث قال تعالى : ﴿ إنما المؤمنون إخوة ﴾ ( ' [25] ) و قال سبحانه ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء﴾ ( ' [26] ) وقال تبارك تعالى:. ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ﴾ ( ' [27] ) . و هنا لا بد أن نؤكد أن الاختلاف باب من ابواب البغي و الطغيان و تجاوز الحد ﴿ وما اختلف الذين أوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ﴾ ( ' [28] ) .
التشجيع على ممارسة الإصلاح ، و السعي بين الناس بالخير و المعروف ، تطبيقاً لقوله تعالى : ﴿ إنما المؤمنون إخوة ، فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله ، لعلكم ترحمون ﴾ ( ' [29] ) .
التماس الأعذار للأخوة و الأشقاء و سائر المسلمين (من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) ( ' [30] ) .
التأكيد على أهمية الرجوع إلى أهل العلم عند الاختلاف ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ ( ' [31] )
و من الجدير بالذكر أن هناك عشرات الآليات و الأساليب الأخرى التي يمكن للوعاظ و الخطباء أن يتخذوا منها وسيلة لتعزيز الوحدة و بناء الجبهة الداخلية ، مما يطول المجال في شرحه و تفصيله .
-----------------------------------------

( '[1] ) الأنبياء: 92 .
( '[2] ) المؤمنون 52
( '[3] ) آل عمران: 103 .
( '[4] ) المائدة: 2
( '[5] ) آل عمران : 139
( '[6] ) الحشر الآية 16 .
( '[7] ) الإمام أحمد 1/164
( '[8] ) الترمذي : 4/463 وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .
( '[9] ) البخاري : 1/116 . و مسلم : 4/462
( ' [10] ) الرحمن : 29 .
( ' [11] ) الشرح : 5 .
( ' [12] ) الزمر : 53 .
( ' [13] ) الحجر : 56 .
( ' [14] ) المدثر : 128 .
( ' [15] ) البقرة : 286 .
( ' [16] ) الأنعام : 164 .
( ' [17] ) الفتح : 29 .
( ' [18] ) آل عمران : 159 .
( ' [19] ) المائدة : 2 .
( ' [20] ) النور : 22 .
( ' [21] ) الأنفال : 60 .
( ' [22] ) الكهف : 6 .
( ' [23] ) فصلت : 34 .
( ' [24] ) الحجرات
( ' [25] ) الحجرات
( ' [26] ) الأنعام: 59 .
( ' [27] ) الأنفال: 46 .
( ' [28] ) آل عمران: 19.
( ' [29] ) الحجرات
( ' [30] ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم .
( ' [31] ) سورة النحل:43
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-shikh-mohamed.alafdal.net
 
دور الخطابة و الوعظ في تحصين المجتمع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أثر الخطابة والوعظ فى تعزيز الأخلاق الكريمة وحماية المجتمع من الانحلال الخلقى
» حول " الخطابة و مشكلة الرتابة "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الإسلامية :: المقالات الإسلامية-
انتقل الى: